قد جعل الله سبحانه وتعالى الاختلاف بين الناس حق، سواء في الصفات الجسدية أو العقلية ، أو قدرتهم على التمييز بين الحق والباطل، فهي من سنن الله تعالى في خلقه، مع اعطائهم الحق في الاختيار للدين والعقيدة، ومن الاختلافات ما يعرف بالمباهلة في الإسلام، فما هي المباهلة في اللغة والاصطلاح، وما ما هي مشروعيتها في الإسلام، والأدلة التي ثبت ذلك،

المباهلة في الاسلام

المباهلة في اللغة يمكن تعريفها على أنها الاجتماع بين الخصمين، ودعاء كل منهما على الطرف الآخر، ويقال باهل القومُ القوم، أي أنهم لعنوا بعضهم البعض والتبهل هو العناء بطلب شيء ما، أما تعريف المباهلة اصطلاحاً فهي ان يجتمع قومان لإبطال الباطل وإحقاق الحق إذا اختلفوا في شيء ما، ويلعن الظالم بينهما، وهي مشروعة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، وإلزام الحجة من أعرض عن الحق بعد قيامها عليه.

ما هي شروط المباهلة

حتى تتم المباهلة بالشكل الشرعي الصحيح بما يتوافق مع الشرعية، فلا بد أن تتم المباهلة في عدد من الشروط، وقد حددت الشرعية الإسلامية الشروط كما يلي:

  •  أن تكون المباهلة بعد إقامة الحجة على المخالف ، وإظهار الحق له بالأدلة الواضحة والبراهين القاطعة .
  •  أن يتبين من أمر المخالف إصراره على الباطل وعناده للحق وانتصاره للهوى ؛ فإن المباهلة تسعى بالمبطل إلى لعنة الله وغضبه ، ولا يجوز أن يُدعى بذلك إلا لمن يستحقه من المشاقين المعاندين .
  •  أن تكون في أمر هامٍّ من أمور الدين ، ويرجى في إقامتها حصول مصلحة للإسلام والمسلمين ، أو دفع شر المخالف ، ولا يجوز أن تكون في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف .
  • إخلاصُ النيَّةُ للهِ -سبحانه وتعالى- بحيث يكون غرضُ المباهلةِ إحقاق الحقِّ ونصرته.

سبب نزول آية المباهلة

السبب في نزول آية المباهلة هو أن مجموعة من نصاري نجران قدموا إلى النبي صلّ الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، حيث أنهم ادّعوا أن عيسى عليه السلام ابن الله وأنه إله، فنهاهم النبي عن ذلك وأخبرهم أن عيسى إنما هو نبي وعبد له، وأقام النبي الأدلة والبراهين التي تثبت ذلك، إلا أن نصاري نجران أصروا على الباطل، فأمر الله النبي محمد عليه الصلاة والسلام دعوة نصاري نجران للمباهلة، وأن يحضرَ كلُّ قومٍ بأهلهم وأبنائهم، فأحضرَ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- علياً بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- وزوجتهُ فاطمة الزهراءِ -رضي الله عنها- والحسنَ والحسين رضي الله عنهما، وقد روى سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- في ذلك: (دعا رسولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- عليّاً وفاطمةَ وحسناً وحسيناً، فقالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلي)، ولكن نصاري نجران لم يردوا الدعوة لأنهم علموا أن إجابتهم للنبي سوف توصلهم إلى الهلاك لا محال.