تعتبر فترة حكم الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- الفترة الأكثر هناءً، واستقراراً، وجمالاً من بين سائر فترات التاريخ الإسلامي، فقد حكم الخلفاء الراشدون بحقِّ الله، مما أظهر عظمة شخصياتهم، وقدراتهم الإدارية بشكل لا نظير له.

الخلفاء الراشدون الذين أسهموا في صياغة وتشكيل العالم الإسلامي، والذين لا زالت بصماتهم البيضاء باقية إلى يومنا هذا هم أربعة، كان أولهم الخليفة أبو بكر الصديق، تلاه الخليفة عمر بن الخطاب، تلاه الخليفة عثمان بن عفان، تلاه الخليفة الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-. ومن هذا الترتيب يتبيّن أنّ ثاني الخلفاء الراشدين هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وفيما يلي بعض جوانب حياته المُضيئة.

ثاني الخلفاء الراشدين

هو أبو حفص، عمر بن الخطاب، واحدٌ من كبار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ألمع الشخصيات ليس على مستوى التاريخ الإسلامي فحسب؛ بل على مستوى التاريخ الإنساني برمَّته، فلطالما كانت شخصيته العظيمة الجليلة محطَّ إعجاب كلّ من يتوفرون على الحد الأدنى من الإنصاف، والأخلاق الإنسانية الرفيعة.

استطاع عمر بن الخطاب أن يخُطَّ اسمه بماء الذهب على سجلات التاريخ، وصفحات المؤرخين، وقد اقترن اسمه بواحدة من أنبل الصفات التي أجمعت الإنسانية على أهميتها، وهي صفة العدل، فصار مضرباً للمثل، وقدوةً تصلح لأن يحتذي بها كل من تولى أمراً من أمور الدولة.

من أبرز إنجازات الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- التي حققها في فترة حكمه: توسعة الدولة الإسلامية حتى صارت دولة مترامية الأطراف، لا يعرف مُبتَدؤها من منتهاها، كما ونظّم الجيش الإسلامي، وجعله جيشاً نظامياً، حيث فرض الرواتب للجنود، وقسمهم إلى فرق نظامية ترابط كل فرقة منها في منطقة معينة من مناطق الدولة الإسلامية.

أما على المستوى الإداري، ومستوى الأمن الداخلي، فقد أنشأ الخليفة عمر السجن الذي يحبس فيه المذنبون، بالإضافة إلى تأسيسه نظام العسس، والذي كان الأساس الذي انطلق منه نظام الشرطة فيما بعد، وعمل أيضاً على تنظيم القضاء، فأرسل القضاة في كافة أرجاء الدولة. هذا وينسب إليه أيضاً وضع التقويم الهجري، ونظام الحسبة، والعديد من الإنجازات العظيمة الأخرى.